الوقف علو للواقف، وعزيمة مؤكدة للقضاء على الجشع والشح وحب الذات.
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقف وأهميته للمسلم
بقلم المحامي محمد اليحيى
مِن حسن الفهم والتفكير، و التصرف والتدبير، وكياسة العقل والرأي؛ أن يستعين المرء بما يملك على ما لا يملك، ويقدم بعض ما في يده لمستقبله، ويبني آخرته بما يجد من دنياه.
ومن خفة العقل والرأي، وعمى البصر والبصيرة أن يملك العبد خيرا وفيرا، ومالا كثيرا، وحظه لغيره لا لنفسه، ونفعه لوارثه دونه، فبقي ماله في دنياه ولم ينتفع بشيء منه في أخراه، فكان عليه شره وغرمه، ولغيره خيره وغنمه؛ أولئك قوم استعملهم المال ولم يستعملوه، واستبد بهم حب الدنيا دون الآخرة.
وكم من إنفاق نُجي به صاحبه! وكم من مال رُفع في الآخرة باذله! وكم من إطعام كان سببا للوقاية من كرب القيامة: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) [الإنسان:8-12].
إن شجرة الأوقاف الخيرية تمتد جذورها إلى عهد صاحب الرسالة -صلوات الله وسلامه عليه-؛ فإنه كان أجْوَدَ الناس، وأبرَّ الناس، وأتقى الناس دعوةً إلى التلاحم والتآخي، وأحزم دلالةً على رفع الفقر وكفِّ المسغبة؛ امتثالاً لأمر خالقه -جل وعلا- في قوله: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) [البلد:11-16].
الوقف نوعٌ من أنواع الصدقات المندوبة.. غير أنه أفضلها وأدومها وأتقنها وأعمها.
الوقف علوٌّ للواقف، وعزيمةٌ مؤكدةٌ للقضاء على الجشع والشُّحِّ وحبِّ الذات.
الوقف رحمةٌ وإحساسٌ نبيل ودعمٌ بالغٌ لاقتصاد المجتمع المسلم؛ لأن الأوقاف الخيرية تُعدُّ من أهم مقومات المجتمعات الناجحة.. تُعدُّ من أهم مقومات المجتمعات الناجحة اقتصاديا؛ إذ يمثل أحد محوري الاقتصاد.. وهو المحور الأهلي المؤسسي. ومن هذا المنطلق ضربت أمة الإسلام فيما مضى أرقى الأمثلة على جدارتها وقدرتها على الريادة وتبوء مكان الصدارة التي سمَت بسببها النزعة الإنسانية بين أفرادها، بل تعدى الأمر إلى أبعد من ذلكم.. حيث طالت بعض الأوقاف أعلاف البهائم ونحوها.. الوقف هو أحد الأمور الثلاثة التي لا تنقطع بوفاة المرء وفراقه للحياة الدنيا؛ إذ هو الذي قال عنه -صلى الله عليه وسلم-: “إذا مات ابنُ آدمَ انقطَعَ عملُه إلا مِنْ ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له” رواه مسلم.
وإن أول من بادر إلى مثل هذا الأوقاف هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد ذكر الحميدي (شيخ البخاري) -رحمهما الله تعالى-: أن “أبا بكر -رضي الله عنه- تصدق بداره على ولده، وعمر بربعةٍ (أي دار) عند المروة، وعثمان برومة (بئر في المدينة)، وتصدق علي بأرضه بـ (ينبع)، وتصدق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد بداره بالمدينة وداره بمصر على ولده، وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده، وحكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده ” رواه البيهقي.. بل قال جابر -رضي الله عنه-: “لم يكن أحدٌ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- له مقدرةٌ إلا وَقَف”.
قال أَنَسٌ -رَضِيَ الله عَنْهُ-: قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- المَدِينَةَ وَأَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: “يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي”، فَقَالُوا: “لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله” رواه الشيخان.
وقف بنو النجار أرضهم على مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبالله عليكم، كم لهم من الأجور المستمرة على أرضهم منذ بُني المسجد النبوي إلى يومنا هذا، بل إلى آخر الزمان؟! كم صلى فيه المسلمون؟ وكم اعتكفوا؟ وكم جاوروا؟ وكم قرؤوا فيه القرآن؟ وكم تعلموا فيه العلم؟ وكم تخرج فيه من حملة للعلم والقرآن؟! أجيال خلف أجيال خلال أربعة عشر قرنا وثلاثة عقود! ولا يزال كذلك إلى ما يشاء الله تعالى، لا يحصي أجورهم على أرضهم تلك إلا الله تعالى، وهذه بركة من بركات الوقف.
” الوقف نوعٌ من أنواع الصدقات المندوبة.. غير أنه أفضلها وأدومها وأتقنها وأعمها. “
وفي مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- للْمَدِينَةَ لم يكن بها مَاءٌ يُسْتَعْذَبُ غير بِئْرِ رُومَةَ فقال -صلى الله عليه وسلم-: “من يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلُ فيها دَلْوَهُ مع دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ له منها في الْجَنَّةِ؟”، فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ -رَضِيَ الله عَنْهُ- من صُلْبِ مَاله، فَجَعَل دَلْوَه فيها مع دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
لقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتخيرون أنفًس أموالهم وأغلاها فينخلعون منها لله تعالى يرجون عوضها في الآخرة، كما روى أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: “كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ.
قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران:92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: (لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لله، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ الله حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ.قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “بَخٍ! ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ”، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ” متفق عليه.والبستان في المدينة ليس كالبستان في غيرها، وهو في ذلك الوقت غير هذا الوقت حيث معيشة الناس على بساتينهم، فرضي الله تعالى عن أبي طلحة، تدعوه الآية لينفق المحبوب من ماله فيوقف أحب المحبوب إليه.
وأشهر حديث في الوقف تقررت فيه أحكامه، وتميز فيها عن سائر الصدقات، وحدد فيه صاحب الوقف مصارفه حتى ذكر أنه أول وقف في الإسلام، وعده الفقهاء أصلا في نظام الوقف: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: “إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا”، فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، فِي الفُقَرَاءِ وَالقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. رواه الشيخان.
هذا الوقف الذي تحبس فيه العين، ويستفاد من ريعها؛ فيه ضمان بقاء الصدقة للواقف والموقوف عليه، وحفظ عين الصدقة من التصرف فيها ببيع أو هبة أو نحوها، ومع تقادم الزمن تزداد نفاسة العين، ويرتفع ثمنها في الغالب إذا أحسن ناظر الوقف إدارتها، فيكثر ريعها، ويعظم نفعها.
إن العالم اليوم مهووس بهاجس الأمن الغذائي، والنماء الاقتصادي، ويبحث في كيفية القضاء على الفقر والبطالة، ولا يجد حلولا عملية لذلك، والوقف يحقق ذلك بأيسر الطرق، لكن أثرياء الأرض لم تنتشر فيهم ثقافة الوقف، ولم يعتمدوه أساسا في بذلهم ومعوناتهم.
إن الوقف أهم دعامة للقضاء على المشكلات المالية والصحية والاجتماعية للأمة، والأوقاف مخزون استراتيجي للأمة في الأزمات والطوارئ، وهو تربية للمجتمع على القيام بأكثر حاجاته، وتحقيق كفايته من العيش الكريم، وبالأوقاف تملك الأمة قرارها، ولا يبتزها أعداؤها في طعامها وحاجاتها الضرورية، وهو سبب لترسيخ الاستقرار في حال اضطراب السياسة والاقتصاد؛ لأنه بكثرة الأوقاف ينتقل الإنفاق الضروري على الناس في حال الأزمات والاضطرابات من بيت المال إلى الأوقاف.
إن كتب التاريخ والتراجم مليئة بأخبار الأوقاف ومنافعها، وأنواع الموقوف عليه من مدارس ومكتبات وكتاتيب، وأوقاف لحملة القرآن، وأخرى للمحدثين، وأوقاف للأرامل واليتامى والمساكين، وأوقاف للإطعام وللكسوة ولسقي الماء.
وكان أرباب المذاهب الفقهية يتنافس أثرياؤهم للوقف على فقهاء المذهب، أو نسخ كتبه أو غير ذلك، وما هذا التراث الضخم من العلوم الشرعية وكتبها التي وصلتنا إلا والوقف سبب من أسبابها المؤثرة.
وحضارة الأندلس الزاهية، وعلومها المتقدمة؛ عمرت بالأوقاف حين كان ملوكها ووزراؤها وأثرياؤها يتنافسون على الوقف، وسجلت في تاريخ المسلمين أوقاف في غاية الغرابة والروعة، كأوقاف قري الضيف وإكرامه، وتأنيس المريض ومواساته، وهذه غير أوقاف علاجه والإنفاق عليه، وأوقاف الأعراس لإعارة الحلي والزينة في الأعراس والأفراح، يستعير فيها الفقراء ما يلزمهم في أفراحهم وأعراسهم، ثم يعيدون ما استعاروه إلى مكانه، فتجبر قلوبهم.
وأوقاف أخرى للأطفال والعناية بغذائهم، ومنها وقف صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى؛ إذ جعل في أحد أبواب القلعة بدمشق ميزاباً يسيل منه الحليب، وميزابا يسيل منه الماء المحلى بالسكر، تأتي إليهما الأمهات في كل أسبوع يأخذن لأطفالهن ما يحتاجونه من الحليب والسكر.
” لا بد من توثيق الأوقاف وضبطها وتحريرها بفقه ودقة تراعى فيها حاجات الناس، مع النظر للمستقبل وتقلبات الأحوال؛ لضمان الحفاظ على الوقف، واستمرار عطائه والانتفاع به “
إن أعداء الإسلام قد علموا أهمية الأوقاف في نهضة المسلمين، وأدركوا أنها سبب فعال في استقلال المسلمين وسد حاجتهم، واستغنائهم عن غيرهم، وفي الحفاظ على دينهم وثقافتهم، فتوجهت همتهم في حربهم للمسلمين إلى القضاء على أوقافهم بالنهب أو التأميم تحت لافتات التنظيم، فقضى الاشتراكيون على الأوقاف الضخمة في الجمهوريات الإسلامية وفي البلقان.
وقضى الغربيون المستعمرون مع أذنابهم وعملائهم على الأوقاف في مصر والشام والمغرب، فتوقفت الحركة العلمية عند المسلمين بتجفيف وقودها، وذبلت العلوم لعدم الإنفاق عليها، وتم تجهيل المسلمين، وجعلهم عالة على غيرهم، فلم تكن لهم سيادة في قراراتهم المصيرية.إنه لا بد من بث ثقافة الوقف في أوساط المسلمين، وحث الأغنياء والموسرين على وقف بعض أموالهم الثابتة، ونبذ حالة الاسترخاء والتسويف التي أصابتهم؛ فتمضي أعمارهم والواحد منهم يعد نفسه ويمنيها بأوقاف ينتفع بها الناس، ثم يدهمه المرض والموت ولم يوقف شيئا.
ولأجل ذلك فإن الأصلح لكل موسر عنده تركته بالملايين أن يقدم الوقف على الوصية انطلاقاً من خبرات مختصين ومشاهدة سابرين لواقعنا المليء بالثروات الشخصية؛ وذلك لأجل سببين مهمين:
أولهما: أن الوقف منجزٌ في حياته وبإمكانه إدارته بنفسه ما دام حيا، فإذا جاء أجل الله سار وقفه على ما هو عليه لا تقطعه وفاته، بخلاف الوصية.. فإنه لا يدري أيستمر بعد موته أم لا.
وثانيهما: أن الغالب في تركات الموسرين العظيمة أن تمضي عليها السنون الطوال ولم تقسم بعد بسبب تشعبها وكثرتها وخلاف ورثتها؛ فتتعطل الوصية تعطلا بالغا بسبب ارتباطها بالقسمة، بخلاف الوقف.. فإنه قد أنجز إبان الحياة فلا علاقة له بقسمة التركة..
فكم من ميت مضت على وفاته السنة والسنتان والعشر والعشرون ولا تزال وصيته حبيسة التصفية وحصر التركة، بخلاف الوقف.. فإنه ينال أجره وهو حي يدركه ويشعر به ويتلذذ به.. لا منة لأحد في تنفيذه ولا عوائق تحول بينه وبين إتمامه.
كما إنه ينبغي أن يعلم أن أهل العلم -رحمهم الله- ذكروا أن للواقف أن يشترط الاستفادة من غلة وقفه ما دام حياً تحسباً لنوائب الحياة قبل مماته.. فإن شاء أخذ منه وإن شاء أنفقه، فإذا مات بعد ذلك صار حتماً إلى وجوه أهل الخير والبر.
ولقد صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول لأصحابه: “أيُّكُمْ مالُ وارثِهِ أحبّ إليهِ مِنْ مالِه ؟ قالوا: يا رسول الله.. ما منَّا أحدٌ إلا مالُه أحبّ إليْهِ، قال: فإنَّ مالَه مَا قدَّم ومَال وارثِه ما أخَّر” رواه البخاري في (الأدب المفرد).
ولا بد من توثيق الأوقاف وضبطها وتحريرها بفقه ودقة تراعى فيها حاجات الناس، مع النظر للمستقبل وتقلبات الأحوال؛ لضمان الحفاظ على الوقف، واستمرار عطائه والانتفاع به، فكم تعطلت من أوقاف أو نهبت بسبب عدم ضبط ذلك وتحريره، أو بسبب قيود وشروط فرضها الواقف عجز نظار الوقف عن تنفيذها، وسؤال أهل الخبرة في ذلك واستشارتهم مع كثرة الدعاء والاستخارة كفيل بالوصول إلى صيغ وشروط وضبط للوقف يكون نفعه كثيرا مستمرا.